النوم واليقظة أسرار وإعجاز

كتبت: هاجر وائل

يلعب النوم دورًا رئيسًا في صحة الفرد وهو بنفس أهمية الأكل والشرب والتنفس، فتحتاج جميع المخلوقات الحية إلى النوم، والذي يعتبر الوظيفة الرئيسة للمخ في بداية الحياة؛ حيث ينتظم بحسب نظامي (توازن النوم واليقظة) و(الساعة البيولوجية)، وهما ما يفسران اختلافات أنظمة النوم بين الناس.

وإننا في هذا المقال سنقوم بتجلية هذا المشهد من مشاهد الإعجاز العلمي وفق ما يلي:

نورد ما أثبته العلم الحديث، ومن ثم نذكر النصوص النبوية والقرآنية المتعلقة بالنوم، ونتبع ذلك بإيراد الملامح العلمية التي تتعلق بها لكي نبرز بنتيجة ذلك كله مقدار التطابق بين ما دلت عليه النصوص والحقائق العلمية التي اكتشفت في هذا المضمار والتي بها سوف يبرز لنا الإعجاز العلمي.

ماذا عن الساعة البيولوچية وعلاقتها بتنظيم النوم والصحة؟

هل سبق لك أن تستيقظ من النوم في ساعة محدد كل صباح، وأن تشعر بالنعاس في الوقت ذاته كل مساء؟ أين توجد الساعة البيولوچية في الأساس؟

رغم أننا نستغرق ثلث عمرنا في النوم، إلا أننا لا نعلم إلا القليل عنه، والفكرة السائدة بين العلماء هي أن للنوم وظيفة مرممة وشافية للدماغ، وليس الدماغ هو المستفيد الوحيد من النوم، بل إن في النوم سكنا وراحة للجسم كله، وللأسف الشديد يقلب الكثير منا ليله نهاراً، ونهاره ليلاً، والحقيقة أن في الدماغ ما يسمى بالساعة البيولوجية التي تجعلنا نستيقظ من النوم في ساعة محددة كل صباح، وتشعرنا بالنعاس في الوقت ذاته من كل مساء إذا ما اعتدنا على ذلك.

ولا ينفرد الإنسان بوجود هذه الساعة بل هي موجودة عند الحيوانات أيضا .

وقد تم نقل نحلات من منطقة باريس إلى نيويورك فلوحظ أنها تنطلق للحقول لجمع الرحيق في نيويورك عندما يحين موعد جمع الرحيق في باريس، وليس موعد الجمع في نيويورك، إذ أن ساعتها البيولوجية ما زالت مبرمجة على توقيت باريس.

أين توجد الساعة البيولوجية؟

يلفت الدكتور “عبد الهادي”أستاذ المناعة، إلى أن العلماء تمكنوا من رصد مكان الساعة البيولوجية بعد اكتشاف مجموعة من الخلايا العصبية تقع في النهار التحتي وسط المخ، تعرف بالنواة فوق التصالبية Supra Chiasmatic nucleus، ويبدو أنها مركز التحكم فى الإيقاع اليومي، وتتكون هذه النواة من جزأين، جزء يوجد فى النصف الأيمن من المخ، والجزء الثاني فى النصف الأيسر من المخ، وكل جزء يتكون من عشرة آلاف خلية عصبية ملتصقة بعضها ببعض، وتقوم على تنظيم الجداول الزمنية والتنسيق مع بقية الخلايا للوصول إلى ما يجب أن تكون عليه.

وماذا عن مركز التحكم للنوم واليقظة؟

أثبت العلم الحديث ، اكتشاف السر عند شعور الإنسان بالنعاس بحسب بحث نشره علماء من جامعة إكسفورد البريطانية فإن السر موجود في الدماغ “مؤخرة الرأس” من خلال أنواع محددة من الخلايا العصبية التي ترسل إشارات إليه لكي تنبه الجسم إلى وقت النوم، وتقوم بتحفيز الإنسان عندما يكون مستيقظاً لساعات طويلة.

إذاً مركز التحكم لليقظة والنوم موجود في قافية الرأس، وهذا ما أشار إليه الحديث الشريف قبل قرون ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ؛ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ » متفق عليه

في الحديث إشارة واضحة إلى مركز النوم واليقظة الذي يقع في قافية الرأس أو مؤخرة الرأس.

الإشارة العلمية في الحديث الشريف:

التشكيل الشبكي ، هو الجزء المسئول عن صورة النوم والاستيقاظ في الدماغ، وفي جذع المخ، وجذع الدماغ عبارة عن الجزء الخلفي من الدماغ، وهو متداخل ومتصل تركيبا مع الحبل الشوكي، ويتكون من ثلاثة أجزاء المستطيل والجسر “القنطرة” والمخ المتوسط.

لذلك إذا حدثت استثارة للتشكيل الشبكي في حالة النوم، فإن ذلك يؤدي إلى الاستيقاظ، وإذا حدثت له استثارة في حالة اليقظة، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة اليقظة والاستثارة، أما إذا تم تثبيطه أو حدث له تلف ما، فإن ذلك يؤدي إلى قلة اليقظة، والاستغراق في النوم.

هناك نظريات توصل إليها العقل البشري لكننا نؤمن بأن النوم آية من آيات الخالق جل وعلا “وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) (سورة الروم)

من ضمن هذه النظريات:

١)نظرية النوم الكيميائية: في أثناء اليقظة يتم العديد من النشاطات الجسدية هناك غدد تفرز ، قلب يخفق ، فكر يعمل ، عين تبصر ، أمعاء تتقلص، وعشرات الوظائف الحيوية والفسيولوجية تعمل، ومئات العمليات الكيميائية تتم ، ينتج عنها سموم ولا بد أن يتخلص الإنسان منها لأن تراكمها يؤدي إلى توقف العمليات الحيوية، فهذه المواد السامة تزداد تدريجياً كون الإنسان مستيقظاً ، حيث تتركز هذه السموم في المخ والجهاز العصبي ، فيشعر الإنسان بالخمول فيحدث النوم.

أثناء النوم يتخلص الجسم من هذه العمليات عن طريق تحليلها وتأكسدها فيستعيد الجهاو العصبي نشاطه فيستيقظ الإنسان

.

٢) النظرية الموضعية للنوم:

في القرن الماضي الجراح كان يجري جراحة في المخ بدون مخدر “قبل ما يكتشف” أثناء وجود المريض في حالة اليقظة الجراحون اكتشفوا أن المريض يستسلم للنوم عندما تتمكن أدواتهم الجراحية من الخلايا العصبية الموجودة داخل الدماغ فاستنتجوا أن هناك مراكز للنوم.

فهذه نظريات لم ترقى إلى الحقائق ستظل آية النوم من آيات الله عز وجل في خلقه “أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ 

اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ” (14) (سورة الملك)

سبحانه وتعالى صمم هذا الجسد على أن يعمل في النهار وينام في الليل “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا” (47) (سورة الفرقان).