مجاراة الأمل ومجافاة الألم


  
                            قطوف من حدائق الأمل


كتبت اسماء عبدالحميد
كان لزاما عليك أن تصغى لذلك النداء الذى طالما أربك سكونك ،وأن تعيد ترتيب كلماتك ،أن تتبع عيناك بصيص الأمل الذى يلوح فى الأفق 

أن تكف عن ملاحقة ألامك،وأن تتجرع مرارة الصبر دون شكاية ،لم يسعك الأمل لتبدى إبتسامة مشوبة بالعبرات التى لم  تتسع لها حدقة عينك فأزرفت الدموع ؛ 

تحاول أن تمضى قدما ،لكن خطاك متبعثرة، مثقلة بالحنين، عيناك فى الخلف حيث تجمعات الأحبة، ودفء العائلة، 

وألفة الرفاق، وكأن ذاكرتك، تأبى النسيان رغم تكرار المحاولة ،فى كل مرة تخفق فيها تسيل الدماء من تلك الجروح التى تأبى أن تبرأ ، تظن بنفسك الوحدة بينما أنت صديق ألامك ،مجاورك الحنين، وملازمك الفقد أينما ذهبت، 

فلتكف عن تلك المحاولات البائسة ،
وأن تصفع مخاوفك وتنهض مجددا لتصنع من أحلامك عكازا تستند إليها كلما تسرب اليأس إلى قلبك 

أتعرف لماذا يهاجمك اليأس؟!
أتدرى ماهو سبب فشلك فى النسيان ؟!
ربما لم تبحث يوما عن السبب فى فشل محاولاتك المتكررة فى تجاوز كل ما مررت به من ألام ،ستجد دليلك عندما تدرى معنى أنك مازلت عالقا فى أوجاعك ولم تعبرها بمرور الأيام رغم محاولاتك أن تتناسى تفشل فى النسيان؛ 

اترك ما أرهقك التفكير به مهما بلغ منك ، تخل عن جمال لحظات لم يدوم جمالها، لاترتشف رحيق أزهار لم تعد موجودة، ولتجعل إسداء النصيحة لقلبك يمر بأذنيك، ليكن لها وقع أثر بداخلك ،

أتظن بنفسك الفشل؟!
أعلم أنك أخفقت فى أول محاولة وتكرر إخفاقك فى المحاولة الثانية ، لكنك مادمت تحاول فأنت تستطيع، أنت عازم على مواصلة المسير' 

إذا فأنت تمتلك من العزيمة مايؤهلك للوصول ، قف موصع تعثرك، انفض عنك غبار الإستسلام ، لتحطم متاريس أقمتها فى طريقك عندما تسلل بداخلك شئ من الرتابة،

 أزل تلك العقبات من طريقك ، اجعله ممهدا حتى لحظة الوصول، فلتربت على كتفك ،ولتواسى نفسك، فأنت ماض بمفردك فى طريق عز فيه النصير‘ 

راجع أفكارك ، التمس تجديدها، استعد لحذف مالا يتناسب مع واقعك، أزل ركام الأيام عن كاهلك، كن لنفسك كل شئ،

 تذكر أنك فى منفى وبمعزل عن الجميع ، لكن الله ناظرك ،وناصرك‘ وحاشاه أن يخذلك ، لذ ببابه ،ناجه بما يجول بخاطرك، هو يعلم ومطلع على سريرتك، 

لكنه يحب السائلين بإلحاح، فألح فى سؤاله، ففى ذلك إليه عزتك ، وفى قربك منه نجاتك، إسأله الطمأنينة لنفسك التى تكالبت عليها الهموم ، إسأله راحة لنفسك التى ضاقت بها الدنيا بما رحبت ، ناجه بكل ذرة فى كيانك الذى تناثر مع أهوال الحياة 

استجمع قواك ثم قف مجددا، وانظر لإنحصار الظلام مع بزوغ الفجر ، استمد من تلك الظاهرة الكونية يقينا يضلهى ثقة الرضيع فى نيل الحليب بقرب أمه 

لابأس فليمضى الليل الطويل حاملا معه ألامك ، اتركها له، فلم تعد بحاجة إليها ولا إلى زخم ماضيك ، لاتسمح لها أن تعكر صفو مستقبلا تربع على الأمل واسند ظهره للتفاؤل، 

اتخذ من السماء سقفا ومن الأرض منزلا، لم يعد يسعه الكون الفسيح ولم يبق منحصرا بين الأضلع التى قيدتها مخاوف الهزيمة وانزوت بماتحمل واطبقت على نفسها خشية الإنتقاد، 

لم يعد كل ذلك موجودا الأن ،لقد حمى الوطيس ، لقد أذن الفجر بميلاد حلم جديد ،لقد خرجت تلك الطيور لترافقك الطريق، وهى تعزف ألحانها، لقد حملت أشعة الشمس بريقها ليسطع على جبينك الوضئ ؛ 

لينير تلك الدروب المظلمة التى أنهكك الركض فيها عبثا بينما كنت تقاسى الوحده وتجابه الحنين بخطى متثاقله
للمرة الأولى ستحزم حقائبك إستعدادا للرحيل ،وأنت مفعم بالأمل ، 

لاتبحث عن رفيق تأنس برفقته ولاحبيب تلجأ له فى ظلمتك ، حتى أنك لم تعد تكترث لدقات قلبك المتسارعة، لم توليها الإهتمام الأكبر ؛ بينما كان اهتمامك منصبا على التجاوز والتخطى والعبور
الأن تمتلك أمتعة السفر وقد حان وقت الرحيل
اجعله رحيلا عن ألامك التى أكحلت مقلتيك وأنت تتصور من الحنين لفراق من أفزعك رحيله

حان الأن وقت نثر البذور بعد إيجاد التربة الخصبة التى رويت عطشها بدموعك، والتى أرخت كاهلك حتى دب بساعدك الوهن ، ماتبقى عليك سوى إنتظار وقت الحصاد، حصاد عمر من الكفاح 

 حصاد جبعة السهام، وكنانة الرماح، وإن تباعدت الفترات بين رمى البذور وجنى الثمار ،وإن طال إنتظار الحصاد ، لن يهاجمنا اليأس ولن يجد مسلكا ليفت بعضننا ولن يوهن قوانا التى خارت بالأمس أمام ضرباته المتوالية

لقد أوتيت قدرا من الصلابة يكففى لصد هجمات اليأس وإزالة العقبات وإن تكاثرت
ياصاح ... قد أضحى طريقك ممهدا
كفكف دموعك وأنصت لذاك النداء

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معلومات عن جرثومة المعده " H pylori"

" الخشت " يصدر قراراته بشأن امتحانات الميد ترم والتكليفات الدراسية

عروض تركسل تعقيب العرض المطروح 5 جيكابايت 500 دقيقة