اعترافات في حجرة مظلمة



اعترافات في حجرة مظلمة


ياليتني كنت فتى فأجوب أراضي العالم أجمع،أمضي يمينا ويسارا، دون قيود جسدية، دون عيون تجرح قلبا لم تعرفه، دون حديث ينمحي إن جاءت فيه كلمة فتاة، فإن صرت فتى سأتحرر من عقداتي التي لا تنفك، فأرى النور بين الجدران الأربع، وأعيش حياة كانت شبه محرمة من قبل أناس قد دُفنوا منذ زمن قد مضى وبقيت علاماته حاضرة لا تغيب أبدا. 

 
فإذا بالأم تنادي زينب كي تنام مبكراً حتى تستطيع الذهاب إلى العمل في اليوم التالي، فتبتسم في المرآة التي أمامها وتعد نفسها بأمل في يوم جديد ومجتمع أفضل، ثم تجاوب سؤال أمها بالإيجاب وتذهب إلى فراشها. 


 حقا إنه كان يوم عطلة ولكن زينب كانت تقضيه في مساعدة أمها حتي يحل عليها الليل فتذهب هي كي تستمتع بعرض مشاكلها على مرآتها في ركنها المظلم؛ فلا تسلط الضوء على جسدها وتغيراته ولا على جلدها الذي ينكمش يوما بعد يوم، فيُذهب شبابها. ولكن كل ما كان يهمها هو قلبها، ذلك الشكل المخروطي بحجم قبضة اليد، الناصع البياض حين ولدت، كيف احتله اللون الأسود الكئيب...والأدهى من ذلك أنه رغماً عن إرادتها! كل تلك المشكلات عواملها خارجية فكيف هي تستطيع أن تتحكم بها...ليسَ أمراً هينا بالمرة.


 مع أذان الفجر تستيقظ وعند التاسعة تنام، عدا يوم العطلة تقضيه حتى العاشرة ففي الساعة الإضافية، تعيش هي مع المرآة وكأنها تنتظر منها يوما أن تخرج حتى تحرر العالم من معتقداته السخيفة وأنانيته المطلقة وتأويلاته الثابتة. فلا يمكن أن يمر الأسبوع دون أن تظفر بجمال تلك الساعة التي تنتظرها منذ طلوع شمس يومها، عارية دون ملابس تذكر، ففي الملابس تشعر بالقيود وفي كل شئ مفروض تزداد عليها القيود، لكنها لم تفصح أبدا بما يدور بداخلها إلا لمرآتها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معلومات عن جرثومة المعده " H pylori"

" الخشت " يصدر قراراته بشأن امتحانات الميد ترم والتكليفات الدراسية

عروض تركسل تعقيب العرض المطروح 5 جيكابايت 500 دقيقة